حمام أبو لوزة : من روائع الإبداع المعماري
يعد من النماذج المعمارية التراثية التي تميزت بها المنطقة الشرقية حمام أبو لوزة ،
ويقع في قرية البحاري بالقطيف ويعد من روائع الإبداع المعماري الفني المحلي والبناء التقليدي بالمنطقة الشرقية .
وقد شاع اسم حمام أبو لوزة بين الأهالي نسبة إلى ثمرة اللوزة وهي من أنواع الفاكهة المحلية التي تكثر في المنطقة حيث أن القمة المشيدة على بناء الحمام على شكل نصف لوزة .
وتاريخ تشييد البناء يرجع إلى الدولة السعودية الثانية حيث أمر ببنائه القائم على أحوال القطيف مهدي بن نصر الله المتوفى سنة 1281هـ ، في عهد المغفور له الأمير فيصل بن تركي بن عبدالله الذي حكم خلال فترتين 1250-1254 والفترة الثانية 1259-1282 .
أمّا تصميم بناء الحمام فهو على غرار طراز الحمامات التركية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت بمدن عديدة كانت تخضع للحكم العثماني وبالأخص في بلاد الشام والعراق . وقد عرف بناء الحمامات من عهود إسلامية سابقة لفترة الخلافة العثمانية حيث استمدت أصولها من فترات قبل الإسلام . نجد أن الملامح المعمارية لبناء الحمام محلية قام بإنشائه بناءون محليون واستخدموا المواد التقليدية المستعملة في المباني مثل الحجر البحري والجص وجذوع النخيل ، والهدف من تشييد البناء فوق النبع للمحافظة على بقاء الماء حاراً لمدة طويلة ، وكذلك كي لا يتعرض للتلوث ويكون نظيفاً .
صمم بناء الحمام ليشتمل على قسمين ؛ الرئيسي منه خاص بالرجال والقسم الثاني والذي يقع في الناحية الخلفية مقتصر على النساء حيث تغذيه قناة متجهة من النبع الرئيسي الخاص بالرجال .
والتقسيم الداخلي للحمام يتكون من مرفق بسيط له مدخل صغير على شكل نصف قوس يؤدي إلى غرفة مستطيلة تعرف بقاعة خلع الملابس تحيط بجدرانها " روازن " كوات لوضع الأمتعة الخاصة بكل شخص كما تحيط بها " الدكات " المصاطب " للجلوس وأخذ الراحة خاصةً للشخص الذي لا يتحمل حرارة الماء وشدّة البخار وسقف هذه الغرفة منحني على هيئة نصف أسطواني وهذا الأسلوب من مميزات العمارة المحلية ، أمّا غرفة النبع والتي تقع خلف غرفة خلع الملابس فتتصل بغرفة خلع الملابس عن طريق مدخل صغير على شكل نصف قوس وعند الدخول يوجد بالمقابل دكات للنزول إلى جوف النبع وهو بشكل دائري وهناك مصطبة علوية على طول محيط النبع للجلوس عليها وخاصةً للأشخاص الذين لا يجيدون العوم والمصطبة الأخرى في الأسفل ، وشيد فوق غرفة النبع فيه على شكل نصف دائرة مدببة في الأعلى على نمط قباب المساجد التركية واتخذ في بنائها نظام
المقرنصات المعروف في بناء القباب خلال الفترات الإسلامية والذي يعتقد على التدرج من السطح المربع إلى السطح الدائري الذي تقوم عليه القباب والهدف منه فني حيث يتم توزيع الجهد والثقل على كل ركن من أركان الحجرة المربعة عند بناء قبة فوقها مستديرة الشكل ويوجد في أعلى القبة فتحات دائرية كي ينفذ منها الهواء والضوء وتساعد على تخفيف البخار الذي يكون كثيفاً في فصل الشتاء . ويوجد بغرفة النبع قناة تغذي القسم الخاص بحمام النساء وقناة تصريف متجه إلى خارج البناء كي تغذي الحقول المجاورة التي تعتمد عليه ، وحمام النساء الواقع في الناحية الخلفية عبارة عن قاعة بها بركة تغذيها القناة الممتدة من النبع الرئيسي وخلال هذه الأيام لم يبق من هذا الحمام إلاّ بناؤه . والآن أصبحت الحركة فيه معدومة نتيجة لضعف ماء النبع نتيجة للإهمال وعدم العناية ، وقامت بلدية القطيف بمحاولة لإعادة الحياة إليه وترميمه من التصدعات والشقوق وأثمرت هذه الجهود بصيانة الحمام ولياسته من الداخل والخارج . ولم تكن عملية الترميم التي أدخلت على بناء الحمام الأثري بما يتوافق مع طابعه القديم .